الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009

دعوة للتسامح - وجهة نظر في منهجية التكفير

بسم الله الرحمن الرحيم
"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" البقرة /256
كثيرون من بيننا لم يشكروا فيوض النعم التي أسبلها الله على أهل السودان من فضيلة التسامح وغيرها مما يتفرد به الإنسان السوداني من قيم،فبدلوا وغيروا وافتتنوا بمناهج متخالفة تضاربت معها المصالح وتشعبت في كنفها الأهواء فكان حصادنا هذا البؤس النكِد، والعيب ليس في اختلاف الأفكار وتباعدها ولا في تعدد الرؤى وتنوعها ،لكن العيب كل العيب في الغلو والتطرف، فالذي يريد لفكرته أن تسود وتنتشر عليه إتباع الحوار الهادي والنقاش النابه،لا حمل الناس عليها كرهاً بالتكفير وامتشاق الحسام ، ورحم الله الإمام الشوكاني حين قال " إن الحق بين المقصر والمغالي والصواب في التوسط بين الإفراط و التفريط".ورحم الله تواضع الإمام الشافعي حين قال " منهجي صوابٌ يحتمل الخطأ ومنهج غيري خطأ يحتمل الصواب" ،والذي يظهر لي أن حاديه إلى هذا القول رحمه الله أن فهم نصوص القرآن والسنة لا يعدو أن يكون عملاً تأويلياً يتأثر بدلالات اللغة عند المخاطب وهذا هو السبب في تعدد المذاهب والجماعات ،ولو صدقت النوايا فإن الخلاف في هذا الصدد لا ينبغي أن يكون سبباً للجفوة والتخوين والتكفير لأنه خلاف طبيعي سببه تباين فهوم المخاطبين ،التي عادةً ما تتأثر بالمحيط الاجتماعي والوسط الثقافي للمخاطب ، ودلالة ذلك أن أهل اليسار المسكونين بنظرية ماركس في الصراع الطبقي وجدوا لها سنداً في قوله تعالى " لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض " الآية ، " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً" الآية ،بينما نجد آخرون يرفضون بقطعٍ لا يقبل النقاش تأسيس فكرة الصراع الطبقي على نصوص الشريعة ،الأمر الذي أرى معه أن منهجية الإمام الشافعي ألتي نوهت إليها فيما سبق هي المخرج للجميع من الضيق والحرج ،فالمخرج أن نقرر نسبية الحق في حق البشر وأن يحترم بعضنا بعضاً ،وأن يعذر بعضنا بعضاً فيما يقع عليه الخلاف على رأي الإمام حسن البنا. أقول هذا وقد حز في النفس ما انتهى إليه أمر الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة التي كنا نأمل أن تكون بديلاً للذين ذهبوا بالدين مذاهب السياسة فباعوه بالدنيا وزخرفها، واكتفوا منه بالشارة والشعار وما عاد يهمهم لبه ولا يعنيهم جوهره بعد أن نالوا بغيتهم من الدنيا والجاه والسلطان،كنا نأمل أن يكون أمر الرابطة الشرعية أمرٌ جدٍ تضبطه الحكمة ويزينه السماح لا أن يكون تورطاً في ما يوقظ الفتنة ويؤجج نار الخلاف، لقد ذهبت الرابطة في تكفيرها لعضوية الحزب الشيوعي السوداني مذهباً حتى لو أيدته ظواهر النصوص فإن مقاصد الدين تمنعه وتوجب التؤدة فيه ، فالتاريخ على مداه قرر أنه ما من فكرة ٍ متطرفة إلا وذهبت إلى مذبلاته، وأنه لم ينتصر فيه إلا التوازن والاعتدال، لذا إن كنا نريد أن نكون بديلاً إسلامياً فالواجب ألا نتورط في الغلو الذي يورد موار التهلكة والردى ،ولنا في التاريخ الإسلامي عظةٌ ،فإنه لما قالت الخوارج : إن علياً كافراً ، قالت الغالية: عليٌ إله ، فرد الفعل دوماً يكون من جنس الفعل ،فالتطرف في الفكرة والموقف ثمرته من جنسه ومن يبذر الحنظل قطعاً لن يحصد التين،لذا نهانا المعصوم عليه صلوات الله وسلامه عن التورط في هذا الفعل المذموم فقد ورد عن الأحنف بن قيس عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هلك المتنطعون ،قالها ثلاثا" رواه مسلم ، وقال النووي في شرحه " أي المتعمقون العادون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم ) شرح النووي على صحيح مسلم ، وورد في إعلام الموقعين الجزء الرابع ص 150 أن عبد الله بن مسعود قال : (إياكم والتبدع، وإياكم والتنطع وإياكم والتعمق وعليكم بالدين العتيق" ،وفي الحديث المشهور ( إن هذا الدين متينٌ فأوغلوا فيه برفقٍ ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه،فاستعينوا بالغدوة والروحة وشيءٌ من الدلجة،والقصد القصد تبلغوا" رواه البيهقي ، ولنا في توجيهيه صلى الله عليه وسلم لمعاذ وعلي رضي الله عنهما حين وجههما إلى اليمن أسوةٌ حسنة فقد قال لهما صلى الله عليه و سلم " يسرا ولا تعسرا ،وبشرا ولا تنفرا"، وعند أهل التحليل النفسي أن الرجل المتفائل أكثر قدرة على الإقناع من الكظ النكد، وهذا سر قول المعصوم صلى الله عليه وسلم " تبسمك في وجه أخيك صدقة."، تبسمك سبيلٌ إلى الدعوة أنفع للدين من إطلاق أوصاف التكفير والمروق ، خاصةً إذا ما علمنا أن من صدر بيان الرابطة بحقهم مسلمون أبناء مسلمين ولا يقدح في إسلامهم اعتقادهم في أفكار ماركس ،فماركس رجل فكر قال كثيراً من الحق وخاض في الباطل شيئاً غير قليل، وأفكاره في الجملة لا تعدو كونها تصورات فيلسوف وقراءات رجل فكر درس ولاحظ المجتمع من حوله تماماً كما درسه ولاحظه ابن خلدون وخرج على الناس بتحليلٍ لذلك المجتمع فيه كثيرٌ من الصواب وغير قليلٍ من الخطأ فما الذي يدرينا أن بعض هؤلاء الموصوفين بالكفر يخطؤون ماركس في بعض أفكاره مع اعتقادهم فيما أصاب فيه ، ولا نريد في هذا الصدد الخوض في نقد النظرية الماركسية فذلك ليس من همنا في هذا المقال، ومن أراد التوسع في ذلك فليرجع إليه في مظانه فما أكثر ما كتب أهل العلم في نقدها.إن أمر التكفير فيه من الخطورة ما لا يخفى ،فهو يتضمن قدراً غير قليل من الاعتراض على المشيئة الإلهية " ولو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك "هود 118 ،فالفصل في هذا الاختلاف لم يترك لأهواء البشر وفهمهم النسبي وإنما أنيط ذلك بالحق المطلق " إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيٍ شهيد "الحج 17، فما بال البعض منا يريد أن يقيم نفسه حكماً وفيصلاً بين الناس يوزع الأوصاف على الناس كيف يشاء ،وهو الضعيف القاصر المشدود إلى حبل المصالح والأهواء ،إن المسلم العاقل تجده دوماً متهماً لنفسه لأنه يعلم أن الثقة فيها تورده موارد الردى وهذا ما حدا بالإمام الغزالي أن يحتاط لنفسه ويتورع من التورط في خلة التكفير،فاسمعه ماذا يقول ،يقول عليه رحمة الله " والذي ينبغي أن يميل المحصل إليه الاحتراز من التكفير ما وجد إليه سبيلاً فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة المصرحين بقول لا إله إلا الله خطأ ، والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة من دمٍ مسلم " الاقتصاد فيا الاعتقاد ص 157 . ،وفي هذا الباب أيضاً ورد عن العز بن عبد السلام أنه قال : " واعلم يرحمك الله وإيانا أن باب التكفير وعدم التكفير بابٌ عظمت الفتنة والمحنة فيه وكثر فيه الافتراق وتشتت فيه الأهواء والأراء وتعارضت دلائلهم " العقيدة الطحاوية ص335 ،ونقل عن ابن الوزير كذلك أنه قال : وقد عوقبت الخوارج أشد العقوبة وذمت أقبح الذم على تكفيرهم لعصاة المسلمين مع تعظيمهم الله تعالى بتكفير عاصيه ،فلا يأمن المكفر أن يقع في مثل ذنبهم وهذا خطرٌ في الدين جليل ينبغي شدة الاحتراز فيه من كل حليمٍ نبيل ".فالخوارج هؤلاء لم يأنفوا عن تكفير علي رضي الله عنه وبالأولى لم يأنفوا عن تكفير أهل التحكيم جميعاً من كلا الطرفين فهم حين قتلوا علياً رضي الله عنه كانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ،فابن ملجم كان يردد وقتذاك وإمام العادلين مسجى على الأرض مقتولا قتل غيلة ، كان يردد القول ( لا حكم إلا الله ) ، ولم يتوان شاعرهم ابن حطان في مدح ابن ملجم قاتل أبي تراب إمام العادلين فأنشد يقول :يا ضربةً من تقيٍ ما أراد بها **** إلا ليبلغ من ذي العرش قرباناإني لأذكره يوماً فأحسـبه **** أوفى البرية عند الله ميزاناًفبالله عليك ماذا تقول في رجل يبتغي مرضاة الله بقتل من قال فيه سيد الخلق ( أنا مدينة العلم وعليٌ بابها ) ما تقول فيمن يتقرب إلى الله بهذه الشنائع وهو يحسب بذلك أنه يحسن صنعاً.هذه هي نتائج منهج الغلو والتطرف ولو تباعد به الزمن وانطوت به الأيام والسنين ،فالتاريخ قد يعيد نفسه أحياناً ، لذا فإنه من باب سد الذريعة ينبغي على الكافة قفل هذا الباب ،فاليوم الحزب الشيوعي كافر ولكن يوم غدٍ سيطال التكفير أي مخالف في الرأي ولو كان في علم الشافعي وورع ابن أدهم ،ولنترك الخالق لخالقها، " قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " الكهف /29 ،" أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " يونس 99.لن يكتمل الحديث عن التكفير وبطلان منهجه إن لم نعرج إلى الحديث عن جريمة الردة وكيف أن الفقه الإسلامي قد عالجها.فبداً ابتدر القول فيها بأن الردة من المباحث التي كانت محل خلافٍ فقهي كبير خاصة وأنه لم ترد بشأنها عقوبة دنيوية في القرآن الكريم ،فالآيات التي وردت بشأنها كانت العقوبة فيها كلها أخروية ،ومن ذلك قوله تعالى ( ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " البقرة /217 ، ( إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئاً ولهم عذابٌ اليم ) آل عمران /177 ، وغير ذلك من الآيات التي تناولت مسألة الرجوع عن دين الإسلام ،الآية الوحيدة التي تحدثت عن عذاب المرتد في الدنيا هي قوله تعالى ( يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيراً لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذاباً شديدً في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من وليٍ ولا نصير )التوبة 74 ، قال الدكتور محمد سعيد العوا في كتابه "في أصول النظام الجنائي الإسلامي : ( إن هذه الآية إنما تتحدث عن كفر المنافقين بعد إسلامهم ،ومن المعلوم أن المنافقين لا عقوبة دنيوية محددة لهم لأنهم لا يظهرون الكفر وإنما يخفونه ..والأحكام القضائية في النظام الإسلامي تبنى على ما ظهر من الأعمال والأقوال) ..انتهى كلام الدكتور العوا، وفضلاً عما ذكره الدكتور العوا فإنني أقول إن العذاب الأليم الذي ورد في آية التوبة غير محدد ولا هو معلوم وإنما هو عذابٌ على إطلاق الكلمة وعمومها ويمكن في هذا الصدد لأي مفسر عصري أن يحمله على العذاب النفسي في ظل عموم كلمة عذاب التي جاءت بها الآية الأمر الذي يظل معه اختلاف الرأي بشأن العقوبة قائماً،ولهذا فإن سكوت نصوص القرآن الكريم عن تحديد عقوبة دنيوية لجريمة الردة حدا ببعض الفقهاء إلى القول بأن الردة ليست حداً من الحدود الشرعية،وإنما تندرج في باب التعازير الموكول أمرها إلى السياسة الشرعية للدولة وبرلمانها ،وممن يرون هذا الرأي الدكتور العوا أطال الله في عمره ،فقد جاء في ص 163 من كتابه السابق ذكره ما نصه ( أن الأحاديث التي ورد فيها أن رسول الله "ص" قتل مرتداً أو مرتدة أو أمر بأيهما أن يقتل كلها لا تصح من حيث السند) ،وقد أورد في نفس الصفحة أيضاً حديثاً رواه البخاري ومسلم يؤكد على عدم قتله صلى الله عليه وسلم للمرتد ونصه ( أن إعرابياً بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصاب الأعرابي وعكٌ بالمدينة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أقلني بيعتي –أي أقبل تحللي من الإسلام – فأبى رسول الله صلى عليه وسلم ،ثم جاءه ثانية فقال : يا محمد أقلني بيعتي ، فأبى ،فخرج الأعرابي،فقال صلى الله عليه وسلم :إنما المدنية كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها ) ، فهذا الأعرابي قد أظهر للنبي صلى الله عليه وسلم رجوعه عن الإسلام ومع ذلك لم يعاقبه صلى الله عليه وسلم بأي عقوبة دنيوية وإنما فقط نعته بالخبث الذي ينفيه الكير عند إضرام النار والنفخ فيها.ومجمل القول أن الدكتور العوا خلص في مؤلفه السابق ذكره بعد مناقشات طويلة وترجيحات بين الأدلة – يصعب علينا إيرادها في هذا الحيز الضيق- إلى أن عقوبة الردة عقوبة تعزيرية لا شأن لها بالحدود ،فقد ورد عنه في ص166 من كتابه المذكور ما نصه ( وحاصل ما تقدم أن عقوبة الردة عقوبة تعزيرية مفوضة إلى السلطة المختصة في الدولة تقرر بشأنها ما تراه ملائماً من أنواع العقاب ومقاديره ).أيضاً انتهى الشيخ محمود شلتوت عليه رحمة الله إلى مثل ما انتهى إليه الدكتور العوا بشأن عقوبة الردة، فقد ورد في مؤلفه الإسلام عقيدة وشريعة ص301 بمناسبة مناقشة حديث ( من بدل دينه فاقتلوه ) الذي رواه ابن عباس وصححه البخاري ما نصه ( وقد يتغير وجه النظر في المسألة إذا لوحظ أن كثيراً من العلماء يرى أن الحدود لا تثبت بحديث الآحاد، وأن الكفر نفسه ليس مبيحاً للدم ،وإنما المبيح هو محاربة المسلمين والعدوان عليهم ومحاولة فتنتهم عن دينهم ، وأن ظواهر القرآن الكريم في كثيرٍ من الآيات تأبى الإكراه على الدين ) انتهى كلام الشيخ شلتوت عليه رحمة الله .كل هذا يدلك على أن أمر التكفير والردة ليس بالبساطة التي نتصور ،فحريُ بنا أن نتلطف ونسامح ، وأن لا نجعل للمصالح والأهواء سبيلاً علينا نرسل بسببها تهم التكفير والزندقة والمروق على عواهنها ،وليكن لنا في كياسة عبد المطلب بن هاشم جد صاحب الحوض والشفاعة صلى الله عليه وسلم مثلاً ،فهو حين نهب أبرهة الحبشي إبله بادره بقوله ( أنا رب الإبل وسيدها وللبيت ربٌ يحميه)،فينبغي أن نربأ بالدين أن يصبح ميداناً للمزايدة وتصفية الخصومات السياسية والدنيوية ولتطمئن نفوسنا إلى أن الدين محفوظ بحفظ الله له،فكم عمر الواحد منا حتى يقيم من نفسه وصياً يدعي لنفسه حراسة الدين إلى الأبد – هذا إن افترضنا حسن النوايا وأن غيرتنا لله لا للمصالح والأهواء – ومن باب سد الذرائع ومنعاً للمزايدة بالدين ينبغي علينا أن نتذكر جميعاً أن الله غنيُ في حفظ دينه عنا جميعاً ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، ولنتذكر دائماً أن إرادة الله قضت بأن يكون بيننا من يخالفنا الرأي ليتجلى لنا رأينا الذي فيه نعتقد،فالشيء بضده يعرف ويظهر "ولو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدة ولا يزالون مختلفين ،إلا من رحم ربي) هود/118، فينبغي على الذين يتبنون دعاوى التكفير منا أن يراجعوا أنفسهم وأن يتقوا الله في أهلهم وبلادهم قبل أن تدور بنا عجلة الزمن فيقولون ونقول معهم أُكلنا يوم أن أُكل الثور الأبيض، والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل.خليفة محمد الطيب – المحامي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق