الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009

المحكمة الدستورية وقصة الرقابة القبيلة

بسم الله الرحمن الرحيم
وجهة نظر قانونية بشأن قرار المحكمة الدستورية حول الرقابة القبلية على الصحف.
بقلم خليفة محمد الطيب – المحامي.alssamary@gmail.com
ورد في موقع سودانيز أون لاين نقلاً عن صحيفة الرأي العام في عددها الصادر في 9سبتمبر 2009 أن المحكمة الدستورية قررت برئاسة مولانا عبد الله الأمين البشير شطب الطعن المقدم في مواجهة جهاز الأمن والمخابرات الوطني فيما يتعلق بفرضه الرقابة القبلية على النشر بالصحف .وجاء في الصحيفة المذكورة أن المحكمة ذكرت في حيثيات قرارها أن السوابق أثبتت أنه بمقدور الحكومة أن تضع قيوداً على حرية التعبير إذا اقتضت الظروف ذلك وأشارت حيثيات القرار إلى أنه لا يتصور أحد أن يسمح بنشر مادة تدعو إلى عدم احترام العقائد الدينية أو الإساءة للمقدسات دون عقاب،وأوضح قرار المحكمة أن الفصل في التظلم في القرارات يكون في إطار تطبيق القانون من اختصاص القضاء القومي على أن الشفافية والدقة في قضية ممارسة الحريات مسؤولية مشتركة بين الاستحقاق وضبط ممارسته.هذا هو ملخص ما ورد في صحيفة الرأي العام ،وحتى الآن لم يتسنى لي الاطلاع على حيثيات القرار كاملة ،وقد سعيت جاهدا لذلك ولكن باء سعيي بالفشل لعدم توفر المعلومة كاملة عند كتابة هذا المقال، فقد صعب عليّ الحصول على نص القرار كاملاً ،لذا سأكتفي بمناقشة حيثيات القرار التي نقلتها صحيفة الرأي العام ، ولا يفوتني أن أدعو أسأل الله للسادة قضاة المحكمة الدستورية التوفيق والنجاح فيما أوكل إليهم من مهمة صيانة الدستور وحماية الحقوق والحريات،وأذكر نفسي وإياهم بأننا كلنا مجتهدون قضاةً ومحامين وحسبنا عند وقوعنا في الخطأ الظفر بالأجر الواحد،وليسمح سيادتهم في هذا الصدد أن أسجل وجهة نظر مخالفة لما انتهوا إليه في قرارهم محل هذا التعليق فأقول وبالله التوفيق ما يلي:-أولاً: إن فلسفة النظام الديمقراطي تقوم على أساس الموازنة بين الحرية الفردية وأمن المجتمع ومن بين هذه الحريات التي يجب الموازنة بينها وبين أمن المجتمع حرية الرأي والتعبير ونشر الرؤى والأفكار موضوع القرار الذي نحن بصدد مناقشته، ولا شك أ ن النظام الديمقراطي الجيد هو ذلك الذي يُوَفَق إلى إبداع وسائل يحقق بها التوازن المنشود بين الحرية الفردية وأمن المجتمع ،فلا يغلب هذا الأخير على الأولى ،ولا يدع لحرية الأفراد أن تفعل ما تريد بلا قيدٍ ولا ضابط،من هذا المنطلق كانت آلية الفصل بين سلطات الدولة الثلاث ومراقبة بعضها لبعض أفضل آلية عرفتها البشرية حتى الآن لمنع التجاوز والتعدي والطغيان "check and balance " وانطلاقاً من هذه الآلية أصبحت سلطة القضاء في النظم الديمقراطية هي الجهة الوحيدة المنوط بها تطبيق القانون والفصل في تحديد مدى التزام باقي سلطات الدولة به،سواءً كان ذلك في نطاق الطعون الدستورية ذات العلاقة بتطبيق الدستور أو في نطاق الطعون الإدارية ذات العلاقة بالتشريعات العادية واللوائح التنفيذية.في السابق كان السودان من الدول التي توكل أمر الفصل في مسائل الدستور إلى المحكمة العليا إلا أن الحال تغير ،فبعد إجازة الدستور الانتقالي لسنة 2005 أنيط بالمحكمة الدستورية وفق نص المادة 122/1 من الدستور الانتقالي أمر الفصل في الطعون الدستورية وكل ما يتعلق بالحقوق والحريات الأساسية،فقد نصت المادة 122 /1 من الدستور على أنه ( تكون المحكمة الدستورية حارسة لهذا الدستور ودستور جنوب السودان ودساتير الولايات وتعتبر أحكامها نهائية وملزمة،وتتولى : أ..........ب..............ج.......... د : حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.) ،وبما أنه وفق نص المادة المذكورة تختص المحكمة الدستورية اختصاصاً أصيلاً بحراسة الدستور وصيانته وتختص كذلك بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ،وبما أن الطعن الدستوري المقيد في مواجهة جهاز الأمن الوطني يتعلق بحق دستوري أصيل هو حق النشر وحرية التعبير اللذان كفلتهما المادة 39/1 من الدستور الانتقالي لسنة 2009 فإن ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية في حيثيات قرارها من القول بأن الفصل في التظلم في القرارات يكون في إطار تطبيق القانون من اختصاص القضاء القومي يصبح مجرد قول لا سند له من القانون ، ذلك أن القضاء القومي أنيط به أمر الفصل في الطعون الإدارية ذات العلاقة بمخالفة التشريعات والقوانين العادية واللوائح التنفيذية ولا دخل له بصيانة الدستور وحماية الحقوق الأساسية والحريات إلا في حدود ما نصت عليه التشريعات العادية ،ولمزيدٍ من الإيضاح فإننا نؤكد أن الباب الثاني من الدستور الانتقالي لسنة 2005م جعل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية المصادق عليها من جمهورية السودان مرجعية لوثيقة الحقوق المضمنة في صلب الدستور، فقد نصت المادة 27/3 من الدستور على أن ( تعتبر الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزء لا يتجزأ من هذه الوثيقة) ومعلوم أن كل إعلانات الحقوق والمواثيق والعهود الدولية قد أمنت على حرية التفكير وحرية النشر والتعبير عن الرؤى والأفكار فضلاً عن ذلك فإن المادة 39 من الدستور الانتقالي نفسه نصت في الفقرة "1" منها على أن ( لكل مواطن حقٌ لا يقيد في حرية التعبير وتلقي ونشر المعلومات والمطبوعات والوصول إلى الصحافة دون مساس بالنظام وسلامة الأخلاق العامة وذلك وفقاً لما يحدده القانون ) ونصت نفس المادة 39 في الفقرة "2" منها على أنه ( تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الإعلام وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي ) ومن بعد ذلك جاءت المادة 27/4 لتؤكد على أن ( التشريعات تنظم الحقوق والحريات المضمنة في هذه الوثيقة – أي وثيقة الحقوق – ولا تصادرها ولا تنتقص منها) ،وعليه فإن أي طعن قانوني يثار بمناسبة النصوص القانونية السابق ذكرها يجعلنا أمام قضية دستورية محضة لا علاقة لها بالتشريعات العادية أو اللوائح التنفيذية حتى يقال أن أمر الفصل فيها منوط بالقضاء القومي على النحو الذي ذهبت إليه المحكمة الدستورية في قرارها موضوع هذا النقاش.وننوه في هذا الصدد إلى أن المادة 19/4 من قانون المحكمة الدستورية لسنة 2005م استثنت الحقوق والحريات المضمنة في وثيقة الدستور من أي تظلمات إلى أي جهةٍ كانت ،بل وفقاً لها يرفع الطعن بانتهاكات لحقوق والحريات المذكورة مباشرة إلى المحكمة الدستورية خلافاً لباقي موضوعات الطعون الدستورية التي يوجب نص المادة 19/4 المنوه عنها فيما سبق ضرورة استنفاذ طرق التظلم فيها أمام أي جهة أعلى لها سلطة مراجعة على موضوع الطعن، وهذا يؤكد أن قانون المحكمة العليا جعل من هذه الحقوق المضمنة في وثيقة الدستور حقوقاً خطيرة لا تخضع للتظلمات الإدارية ولا شان لها بالقضاء العادي الأمر الذي ننتهي معه إلى عدم سلامة ما ذهبت إليه المحكمة الموقرة في حيثيات حكمها من القول بأن الفصل في التظلم في القرارات يكون في إطار تطبيق القانون من اختصاص القضاء القومي، فضلاً عما ذكرناه فإن موضوع طلب الطعن الذي تقدم به الطاعنون لم يكن قراراً إدارياً صادراً من جهاز الأمن حتى يقال إن التظلم فيه يكون في إطار تطبيق القانون العادي المنوط أمره بالقضاء القومي ،وإنما كان موضوعه مطالبة المحكمة الدستورية بوقف تعديات جهاز الأمن على حقٍ من حقوقهم الدستورية المكفولة لهم بموجب الدستور و وثيقة الحقوق ومرجعياتها من العهود والمواثيق وإعلانات الحقوق الدولية ،وهي مطالبة تستند إلى المادة 122/1 من الدستور والمادة 15/1/د من قانون المحكمة العليا ،وهاتان المادتان نصتا بعباراتٍ واضحة وصريحة على واجب المحكمة الدستورية في حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية،ومن ثم فإن مهمتها بالنظر إلى موضوع هذا الطعن كان ينبغي أن تنحصر في الإجابة على سؤال مقتضاه هل تعدى جهاز الأمن والمخابرات الوطني على حق نشر الرؤى والأفكار المخول للطاعنين بموجب الدستور أولا؟ وبدورنا نقول إن واقع الحال يؤكد هذا التعدي بعلمٍ قضائي لا يحتاج إلى إقامة الدليل.ثانياً: مزيداً من التوضيح لما أوردته في الفقرة أولا أعلاه أقول إن المادة 48 من الدستور الانتقالي لسنة 2005 أناطت بالمحكمة الدستورية والمحاكم الأخرى - كلٌ في حدود اختصاصه – أمر صيانة وحماية وثيقة الحقوق المثبتة في صلب الدستور وأناطت بها كذلك أمر تطبيقها وحمايتها وجعلت من مفوضية حقوق الإنسان مراقباً لتطبيقها في الدولة ولم تشر من قريبٍ ولا من بعيد إلى أي اختصاص يتعلق بجهاز الأمن فيما يخص أمر هذه الوثيقة، فضلاً عن ذلك فإن المادة 48 السابق ذكرها قضت بعدم جواز الانتقاص من الحقوق والحريات المنصوص عليها في الوثيقة من أي كائنٍ من كان ، ولا شك أن تدخل جهاز الأمن بالرقابة القبلية يعتبر انتقاصاً من تلك الحقوق الأمر الذي يوجب على المحكمة الدستورية التصدي له ومنعه من هذا التجاوز، ولتبيين الأمر أكثر فإننا نورد نص المادة 48 كاملاً غير منقوص ، فقد جاء فيها ( مع مراعاة المادة 211 من الدستور – التي تنظم صلاحيات رئيس الجمهورية في إعلان حالة الطوارئ – لا يجوز الانتقاص من الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذه الوثيقة وتصون المحكمة الدستورية والمحاكم المختصة الأخرى هذه الوثيقة وتحميها وتطبقها وتراقب مفوضية حقوق الإنسان تطبيقها في الدولة وفقاً للمادة 142 من هذا الدستور) ،فهذه المادة أوجبت على المحكمة الدستورية صراحة حماية وصيانة الشق المتعلق بالحقوق الدستورية من وثيقة الحقوق ،فإذا قرأنا هذه المادة في ظل ما نصت عليه المادة "122" من الدستور التي أوردنا نصها فيما سبق ، فإنه يتضح لنا أنه لا علاقة للمحاكم القومية بالفصل في الطعن الدستوري المقدم ضد جهاز الأمن بشأن موضوع الرقابة القبلية التي يمارسها على الصحف، ذلك أن المسألة التي نحن بصددها مسألة دستورية محضة تتعلق بحق دستوري هو حق نشر الرؤى والأفكار،وكنا نأمل من المحكمة الدستورية حماية هذا الحق حال كون ذلك واجب من واجباتها بنص الدستور،لكن للأسف انتهت المحكمة إلى قرارٍ أصاب حق النشر في مقتل وأعان المنتهك على انتهاكه خاصةً وأننا نعلم أن الأحكام الصادرة منها أحكام نهائية غير قابلة للطعن فيها من أي جهةٍ كانت الأمر الذي كنا نتوقع معه التأني في إصدار أي قرار بهذا الصدد إلا بعد تمحيص وطول تأمل خاصة إذا ما علمنا أن الأمر يتعلق بحقوق في غاية الأهمية والخطورة ولا تتعلق بشخصٍ بعينه وإنما بمستقبل شعبٍ وبلدٍ بأكمله.ثالثا: جاء في حيثات القرار موضوع تعلقينا وفق ما ورد في صحيفة الرأي العام أن السوابق أثبتت أنه بمقدور الحكومة أن تضع قيوداً على حرية التعبير إذا اقتضت الظروف ذلك ، وعلى الرغم من أنى لم اطلع على السوابق التي خلصت منها المحكمة الموقرة إلى هذه النتيجة إلا أنني أعتقد بمثل اليقين في نفسي أن عبارة " إذا اقتضت الظروف ذلك " تدل على أن السوابق التي عولت عليها المحكمة في قرارها هي سوابق ذات علاقة أصيلة بحالة الطوارئ ولا شأن لها بسير دولاب العمل في الحالة الطبيعية العادية للدولة،ولا أظن في هذا الصدد أن الطاعنين يعترضون على الرقابة على النشر في حالة إعلان الطوارئ وفق الدستور،ذلك أن الدستور قد نظم حالة الطوارئ في المواد 210،211،212 منه وجعلها استثناءً من الحالة العادية،بل تشدد في أمر إعلانها إلى الحد الذي أعطى معه النائب الأول حق فيتو فيها ،فلا يصح إعلانها إلا بموافقته، وعليه فإن قول المحكمة الدستورية "أنه بمقدور الحكومة أن تضع قيوداً على حرية التعبير..إلخ" يصبح في غير محلٍٍ ولا موضوع ،ذلك أن مثل هذا القول يصح فقط في حالة ما إذا كانت حالة الطوارئ معلنة في البلاد والذي نعلمه أن البلاد تسير على النحو العادي الطبيعي الذي لا يجوز فيه التعدي على حقوق وحريات الأفراد التي كفلها لهم الدستور.رابعاً: وفق ما جاء في صحيفة الرأي العام أيضاً أن المحكمة أشارت في حيثيات حكمها (إلى أنه لا يتصور أحد أن يسمح بنشر مادة تدعو إلى عدم احترام المعتقدات الدينية أو الإساءة للمقدسات دون عقاب ) ،وتعليقاً على ذلك ،نقول إن جريمة الإساءة إلى المقدسات وعدم احترام المعتقدات الدينية كجريمة من الجرائم التي يتصور وقوعها نشرا ،عالجتها التشريعات العادية شأنها شأن بقية جرائم النشر الأخرى سواءً تمثلت هذه التشريعات العادية في القانون الجنائي الذي يعالج المسألة بالعقوبة أو قواعد القانون المدني التي تعالج الموضوع بالتعويض وجبر الأضرار ، ولا شأن لكل ذلك بمسألة طلب حماية الحق الدستوري التي تقدم بها الطاعنون إلى المحكمة الدستورية لمنع تعديات جهاز الأمن، وعليه فإن فرضية ارتكاب جرائم تتعلق بالنشر على النحو الذي ذهبت إليه المحكمة في قرارها لا تصلح في نظري مبرراً أو سبباً قانونياً لشطب طعنٍ دستوري يطلب حماية حق من الحقوق التي نص عليها الدستور وكفلتها مرجعياته المضمنة في صلبه ، ذلك أن مثل هذه الجرائم المفترضة محلها القضاء القومي أو إن شئت قل محلها القضاء العادي، فإذا انتهك أحد نصاً من نصوص القانون الجنائي المتعلقة بالنشر ،أو نشر مادة أضرت بشخصٍ من الأشخاص ، فإن مرجعية الفصل في وقوع الانتهاك من عدمه أو وقوع الضرر من عدمه تنعقد للقضاء القومي وليس لجهاز الأمن القومي ، فله وحده – أي القضاء - يكون القول الفصل في تحديد ما إذا كانت المادة التي تم نشرها تشكل جريمة أو لا ، وله وحده الفصل فيما إذا كانت المادة المنشورة أحدثت ضرراً على الغير يوجب تعويضه أو لا ،فإذا كان جهاز الأمن يرى أن هناك مادة منشورة أحدثت ضرراً بأمن المجتمع أو أنها تشكل جريمة فإنه ينبغي عليه اللجوء إلى القضاء لردع الجاني بجنايته وتضمين المتسبب في الضرر غُرم ما جنته يداه ، ففي ذلك ما يردع غيره مستقبلاً من ارتكاب أي فعل مماثل يدخل في دائرة التجريم أو المسؤولية التقصيرية التي توجب جبر الضرر بالتعويض ، ومع أننا في هذا الصدد نقر بأن من واجب السلطة التنفيذية أن تتخذ التدابير اللازمة لمنع وقوع الجريمة – أي جريمة – فإن هذه التدابير يجب أن تتفق مع نصوص الدستور ونصوص القوانين المرعية ، فإذا خالفت ذلك فإنها تصبح غير مشروعة وتكون عرضة للطعن فيها بعدم الدستورية إن كانت تخالف الدستور أو تمس الحقوق المنصوص عليها فيه أو عرضة للعطن بعدم المشروعية في حالة ما إذا جاءت مخالفة للتشريعات العادية، وإذا قلنا بغير ذلك فإننا نكون قد خولنا جهاز الأمن حق التدخل في صلاحيات السلطة التشريعية ،ونكون بذلك قد جعلنا منه مشرعاً يحدد ما هو مجرم وممنوع وما هو حلال مباح ،وفي نفس الوقت نكون قد بررنا له التعدي على صلاحيات القضاء بتكييفه لموضوعات النشر وتحديد ماذا كانت متفقة مع القانون أو مخالفة له بغير الرجوع للقضاء،وبهذا تكون سلطات الدولة الثلاث قد آلت إلى جهةٍ واحدة اسمها جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وهذا في نظري محض فساد لا يقره العقل السليم .وختاماً أقول أنه بما أن نص المادة 122/1 من الدستور جعل قرارات المحكمة الدستورية نهائية وبما أن المحكمة الدستورية مختصة اختصاصاً أصيلاً بالفصل في الطعن موضوع القرار محل النقاش على النحو الذي بيناه فيما سبق فإنه للأسف لن توجد فرصة لمراجعة حكمها وفق نص المادة 23/5 من قانون المحكمة الدستورية لسنة 2005م ,عليه فإن مقالي هذا في لغة القانون تكون محله سلة المهملات ،فقرار المحكمة قد صدر وحاز موضوعه على حجية الأمر المقضي فيه فما للطعن فيه بعد ذلك من سبيل ، لذا فإني أتوجه بهذا المقال إلى وجدان التاريخ عسى أن ينفعنا ذلك في مقبل الأيام القادمات لنتحاشى اللغط والخوض في دستورية أو عدم دستورية مشروع قانون الأمن الوطني الذي هو الآن محل جدلٍ ونقاش بين القوى السياسية السودانية ،فهل يا ترى يجئ قانون الأمن الوطني متقيدا ً بما نصت عليه المادة 151 من الدستور أم أن شقة الخلاف على ذلك ستوردنا مهالك الردى؟.. لأسكت قليلاً ولتتحدث الأيام.والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل ،،،خليفة محمد الطيب – المحامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق